كوردستان ممراً لزوار كربلاء
كوردستان ممراً لزوار كربلاء
September 23, 2025

يُحيي الآلاف ذكرى مرور 40 يوماً على استشهاد الإمام الحسين في واقعة كربلاء عام 61 هجري، وتسمى «أربعينية الحسين»، وتتجلى هذه الذكرى في العراق بمسيرة تعرف بـ«مسيرة الأربعين»، يسير خلالها الزائرون باتجاه مدينة كربلاء قاصدين ضريح الإمام الحسين، لتعكس هذه المناسبة معاني التكافل الاجتماعي بين أبناء الشعب العراقي والزائرين من الخارج.

ويَقصد ضريح الإمام الحسين في هذه المناسبة زائرون من إيران وأذربيجان وأفغانستان وغيرها من الدول. وخلال رحلتهم يتوقف العديد منهم للراحة في إقليم كوردستان، حيث خصصت حكومة الإقليم بالتعاون مع مؤسسة بارزاني الخيرية مراكز استقبال مزوّدة بكافة الخدمات الضرورية على طول الطريق الممتد بين أربيل وكربلاء، في بادرة إنسانية تهدف إلى دعم زوّار الحسين وتسهيل مسيرتهم نحو العتبات المقدسة.

وأعلنت حكومة الإقليم عن تخصيص 4 محطات رئيسية لاستقبال زوّار الحسين، وهي حاج عمران قرب الحدود الإيرانية، وكاني ماران في مدينة سوران، وأرض المعارض ضمن حديقة سامي عبد الرحمن في أربيل، ومحطة شيراوا في كركوك. مجلة «كوردستان بالعربي» زارت مركز الاستقبال الذي حمل اسم موكب «شهداء بارزان» على أرض مدينة المعارض في أربيل والتقت مع عدد من الزوّار.

الصور: فرهاد بلباس

 

أربيل تستقبل زوّار الحسين

في موكب «شهداء بارزان» تجتمع العائلات في جو من الألفة، الرجال يطهون الطعام والنساء يعدون الحلوى، بينما تصدح الأناشيد لتملأ فضاء المكان. تقول السيدة الإيرانية أرزو  أبريشمي: وصلنا إلى هنا منذ 4 أيام، جئنا من مدينة أورمية لنكون مع الإمام الحسين، استقبلتنا مدينة أربيل بكل محبة. لذلك نشكر حكومة إقليم كوردستان ومؤسسة بارزاني الخيرية التي وفرت كل حاجاتنا اليومية. وبعد حصولنا على الراحة نجهّز أنفسنا لاستكمال رحلتنا إلى كربلاء المقدسة.

وفي الحديقة تنشغل السيدة شاهناز حقشناس في إعداد حلوى إيرانية تقول عنها: إن هذه الحلوى اسمها «نون محلي»، نحضّرها دائماً خلال أربعينية الحسين، إنها حلوى مرتبطة بتقاليد الطعام والشراب الخاصة بالأربعينية، مضيفةً: «نشكر شعب كوردستان الطيّب، رغم اختلاف اللغات إلا أننا لم نشعر بالغربة بل وصلتنا كل مشاعر التعاطف والتعايش وقبول الآخر».

وفي الجانب الآخر من الموكب، يخبز بيجان الخبز لتوزيعه على الزائرين، بينما يعدّ عباس الشاي الأحمر على الطريقة الإيرانية، وبالقرب من الخبّاز يُطبخ السابزي (طبق إيراني شعبي) على النار. ويقول مدير معهد ثار الله التابع لمسجد لطفي خان في أورمية صمد عباسي: «نأتي كل عام لتأدية واجب الأربعينية، نخدم زوار الإمام الحسين القادمين من مدن أذربيجان الغربية وتبريز وتركمانستان. نسير على هذا الطريق المفتوح من حاج عمران إلى أربيل ثم إلى كركوك فبغداد ومنها إلى النجف لنصل إلى كربلاء المقدسة». 

يشرح  عباسي مهمته: «أقوم بإعداد الشاي وطهي الطعام للزوّار، الأصدقاء في جمعية بارزاني الخيرية يقدمون لنا كل المكوّنات من الخضار واللحوم والأرز، ونحن نطهو طعامنا على الطريقة الإيرانية. كما يوفرون لنا جميع المرافق وقاعات النوم وخدمات التبريد والماء المثلّج، ما يسهّل علينا مشاق الرحلة، فنرتاح في أربيل ونحن مع أهلنا وأصدقائنا من الكورد والفرس والترك والعرب». 

موكب شهداء بارزان

يقول عضو الهيئة الإدارية والمشرف على القسم الميداني في مؤسسة بارزاني الخيرية إسماعيل عبد العزيز مصطفى: إقليم كوردستان أبوابه مفتوحة للجميع، وإن توفير مكان مريح لزوّار أربعينية الحسين جاء بتوصية من الرئيس مسعود بارزاني.

ويوضح مصطفى: يتكون موكب «شهداء بارزان» من جناح للرجال وآخر للنساء، ونقطة طبية ومركز رعاية صحية، وقاعات للنوم، ومطبخ، وحمامات للغسيل والاستحمام، إضافة إلى حديقة واسعة للراحة، ومكتب للقنصلية الإيرانية، وآخر تابع لمنظمة بارزاني الخيرية لتقديم المساعدة على مدار الساعة.

وعن جنسية العائلات الزائرة وعددها، يشرح مصطفى: ارتفع عدد الزائرين الذين استقبلهم الإقليم هذا العام إلى ما يزيد عن 90 ألف زائر. لدينا زوّار من مختلف الدول، لكن هذا العام معظمهم من مدينة أورمية (شمال غرب إيران، مركز محافظة أذربيجان الغربية). نقلناهم من نقطة حاج عمران إلى موكب شهداء بارزان، عبر الحافلات التي خصصتها الحكومة إلى هنا، نقدم لهم  جميع الخدمات بشكل مجاني.

ويعكس استقبال زوّار الإمام الحسين في إقليم كوردستان كل عام، مدى ثقافة التعايش الحاضرة بين الشعوب، وهي مناسبة للتواصل ونبذ الفرقة وتعزيز قيم الإنسانية الجميلة التي ناضل من أجلها الإمام الحسين واستشهد في سبيلها.


سهى كامل: صحفية سورية مقيمة في كوردستان العراق



X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved