بارزاني: شعب كوردستان قدّم نموذجاً نادراً في التسامح
بارزاني: شعب كوردستان قدّم نموذجاً نادراً في التسامح

أكد الرئيس مسعود بارزاني، اليوم الثلاثاء (28 تشرين الأول 2025)، أن شعب كوردستان عانى عبر التاريخ من الألم والمعاناة والظلم، مشدداً على ضرورة ألا تنسى الأجيال القادمة من أبناء الكورد ما تعرض له أجدادهم من عمليات إبادة جماعية.

جاء ذلك خلال كلمة ألقاها الرئيس بارزاني في المؤتمر الدولي الخامس للتعريف بالإبادة الجماعية ضد الشعب الكوردي، المنعقد في محافظة دهوك، بحضور شخصيات سياسية وأكاديمية.

واستهل الرئيس بارزاني كلمته مرحباً بالضيوف العرب باللغة العربية، قائلاً: «يسعدني أن أكون اليوم بينكم في هذا المؤتمر المهم المتعلق بجرائم الإبادة الجماعية في كوردستان، وحضوركم دليل على اهتمامكم ومشاركتكم لنا في أحزاننا»، مشيراً إلى أن حضورهم يجسد مشاركتهم للكورد أحزانهم.

 وأضاف: «إن ما شاهدناه من صور توثق تلك الجرائم يدمي القلوب، ونسأل الله أن يتغمد الشهداء برحمته، وأن يمنح ذويهم الصبر والسلوان».

تاريخ من المعاناة المنظمة

وأشار الرئيس بارزاني إلى أن «قدر شعب كوردستان على مر التاريخ كان دائماً الشقاء والمعاناة والظلم، وخاصة في القرن الماضي، حيث بدأت الإبادة الجماعية للشعب الكوردي بشكل منظم وممنهج، وقد بدأت من الكورد الفيليين».

 وكشف أن «جزءاً كبيراً من الكورد الفيليين والبارزانيين تم نقلهم إلى مناطق عكاشات والقائم، وتم اختبار الأسلحة الكيميائية عليهم». 

نموذج فريد في التسامح

وفي سياق حديثه عن نموذج التسامح الذي قدمه الشعب الكوردي، قال الرئيس بارزاني: «منذ ذلك اليوم الذي منح الله العظيم السلطة للشعب الكوردي، لم نفكر قط في الانتقام؛ وخاصة في فترة انتفاضة عام 1991، حيث وقع فيلقان من الجيش العراقي بيد المواطنين الكورد وقوات البيشمركة، وفي ذلك الوقت لم يُقتل أي جندي عراقي ولم يُهان». 

وأوضح أن «هؤلاء كانوا نفس الجنود الذين دمروا أكثر من 4500 قرية من قرانا، ونفذوا حملات الأنفال وارتكبوا العديد من الجرائم الأخرى ضد الشعب الكوردي».

وتابع: «صحيح أننا فقدنا الكثير من أحبائنا وأعزائنا، لكنهم ذهبوا إلى لقاء ربهم بعزة ونالوا مرتبة الشهادة؛ أما الذين ارتكبوا تلك الجرائم، فقد قضوا بالخزي والعار». 

حالة فريدة في استخدام الأسلحة الكيميائية

وأكد الرئيس بارزاني أن شعب كوردستان قدّم نموذجاً نادراً في التسامح والمصالحة الوطنية، متسائلاً: «في أي بلد آخر في العالم قامت فيه الحكومة باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبها؟ هذا لم يحدث إلا في كوردستان». 

وأضاف: «ورغم ذلك، اختار شعبنا طريق السلام لا الثأر، لكن واجبنا أن لا ننسى هذه الجرائم، وأن نعلّم الأجيال القادمة حجم التضحيات التي بُذلت من أجل الحرية التي نتمتع بها اليوم».

وشدد على أن «الأهم من كل شيء هو ضمان عدم تكرار تلك الجرائم التي ارتكبت ضد الشعب الكوردي في القرن الماضي، وألا يُقتل الأبرياء فقط لأنهم كورد».

دعوات للاعتراف الدولي وتعويض الضحايا

ووجه الرئيس بارزاني الشكر لبرلماني السويد وبريطانيا وجميع الدول التي اعترفت بالجرائم المرتكبة ضد الشعب الكوردي كإبادة جماعية، داعياً باقي الدول الأوروبية التي قامت بالتحقيق في هذه الجرائم إلى الاعتراف بها كجرائم إبادة جماعية.

وأشار إلى أنه «رغم اعتراف البرلمان العراقي بهذه الجرائم كإبادة جماعية عام 2008، لم يتم اتخاذ أي إجراءات بهذا الشأن»، مطالباً الحكومة الاتحادية بتعويض ذوي ضحايا الأنفال.

ودعا الرئيس بارزاني الحكومة الاتحادية إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، قائلاً: «يجب على الحكومة الاتحادية أن تفي بواجبها في إنصاف ضحايا الأنفال، فالدستور ينص على تعويض الضحايا، كما يقع على عاتق حكومة إقليم كوردستان مواصلة التنسيق والعمل من أجل تحقيق ذلك».

تطلعات لمرحلة دستورية جديدة

وعبّر الرئيس بارزاني عن أمله في أن «يكون الوضع بعد الانتخابات البرلمانية القادمة في العراق أكثر صحة وسلامة، وأن يسود وضع أفضل، وأن يكون الدستور الحالي هو الحاكم بين أربيل وبغداد، وبين المواطن والحكومة أيضاً».

وأكد: «إذا كان الدستور هو الحاكم، فلن تكون لدينا أية مشكلة، ولكن إذا كان المزاج الشخصي لصاحب القرار هو الحاكم، ستستمر مشاكلنا وستزداد سوءاً».


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved