أم النور والأزهر في أحضان أربيل
أم النور والأزهر في أحضان أربيل
November 13, 2025

أكد رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني التزام حكومته بترسيخ أسس التعايش السلمي والحرية الدينية بين مختلف مكونات الإقليم، مشدداً على أن كوردستان «وطن للجميع» وستبقى «نموذجاً مشرقاً» للتنوع والتسامح.

وشهدت مدينة أربيل شهر أيلول من العام الحالي فعاليات متميزة تؤكد دور إقليم كوردستان في تعزيز قيم التسامح والتعايش المشترك

ففي 27 أيلول 2025 احتضت عاصمة إقليم كوردستان، مؤتمراً علمياً بمناسبة الذكرى الـ1700 على انعقاد مجمع نيقية التاريخي، بحضور رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، وبمشاركة شخصيات دينية وأكاديمية بارزة من إقليم كوردستان والعراق والشرق الأوسط.

وفي كلمة ألقاها خلال المؤتمر، وصف رئيس الحكومة التعايش السلمي بأنه «إحدى الخصائص والسمات الجميلة لمجتمع كوردستان»، داعياً الشخصيات الدينية من جميع الأديان والمذاهب إلى تعزيز دورها في ترسيخ قيم المحبة والتسامح والسلام الاجتماعي بين المكونات المختلفة.

وأعلن بارزاني أن حكومة الإقليم «ملتزمة وتؤمن إيماناً كاملاً بحماية والدفاع عن التنوع الديني والقومي والثقافي»، مؤكداً استمرار تنفيذ برنامج الحكومة لترسيخ الحرية الدينية والتسامح والصداقة بين جميع مكونات كوردستان.

وكشف بارزاني عن جهود حكومية واسعة لدعم اللغة السريانية، لغة الكلدان والآشوريين والآراميين، مشيراً إلى أن وجود 50 مدرسة مخصصة لتعليم اللغة السريانية في الإقليم، يدرس فيها آلاف الطلاب بهذه «اللغة القديمة والعريقة» التي تحدث بها السيد المسيح عليه السلام.

وأعلن عن افتتاح أربع كنائس جديدة قريباً في مدينتي أربيل ودهوك، في إطار دعم حكومة الإقليم للمؤسسات الدينية المسيحية، إلى جانب المساجد ودور العبادة والأماكن المقدسة لجميع الأديان، من خلال وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

وأشار رئيس وزراء حكومة الإقليم إلى أن العام الماضي شهد إقامة أول ندوة سريانية في أربيل بدعم حكومي، فيما استضافت عاصمة كوردستان في ربيع العام الحالي، ولأول مرة، «يوم الصلاة الوطني» برعاية الرئيس مسعود بارزاني ومشاركة مئات الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية من مختلف أنحاء العالم، في مبادرة وصفها بـ«الرائعة».

تاريخ مشترك من النضال والبناء

وفي سياق تأكيده على وحدة المصير بين مكونات الإقليم، قال بارزاني: «كما عانت مكونات كوردستان معاً من الظلم والقمع والاحتلال، فإننا اليوم معاً من أجل البناء والإعمار والتنمية والنهوض بوطننا».

واعتبر أن هذه البرامج والمشاريع والمبادرات «تأكيد على أن كوردستان وطن للجميع»، داعياً إلى تعميق ثقافة التعايش التي تحتاج إلى «مزيد من التقوية والإثراء والتعزيز». وجدد التأكيد على أن إقليم كوردستان «سيبقى كما هو دائماً نموذجاً مشرقاً للتعايش السلمي والحرية الدينية والتقبل المتبادل والأخوة والتسامح»، داعياً الله أن يحفظ كوردستان.

وشهد المؤتمر، الذي وُصف بـ«العلمي المهم»، حضوراً لافتاً من الشخصيات الدينية الرفيعة المستوى والأكاديميين، في مدينة أربيل التي وصفها بارزاني بـ«عاصمة التعايش»، معرباً عن أمله في أن تسهم نتائج وتوصيات المؤتمر في «تعزيز ثقافة التعايش السلمي وتقوية أسس السلام والتسامح والأخوة بين جميع المكونات».

افتتاح كنيسة «أم النور» في عنكاوة

في خطوة تعكس التزام إقليم كوردستان بحماية التنوع الديني وتعزيز ثقافة التعايش، افتتح رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، يوم الأحد الموافق 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2025، كنيسة «أم النور» في قضاء عنكاوة، في مراسم رسمية شهدت حضوراً بارزاً لكبار رجال الدين المسيحي.

وحضر مراسم الافتتاح كل من البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، والكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، إضافة إلى عدد من المسؤولين الحكوميين ورجال الدين وجمع غفير من المواطنين.

وفي كلمته خلال حفل الافتتاح، سلط بارزاني الضوء على الرمزية الدينية والاجتماعية لاسم الكنيسة «أم النور»، وهو أحد ألقاب السيدة مريم العذراء (عليها السلام) التي تحظى بمكانة جليلة في الديانتين المسيحية والإسلامية، فضلاً عن كونه اسماً شائعاً ومحبوباً في المجتمع الكوردي.

وأعرب رئيس الحكومة عن أمله في أن تصبح الكنيسة الجديدة مركزاً روحياً مهماً للعبادة بالنسبة للمسيحيين في عنكاوة، ومنارة لتعزيز أواصر الإخاء والمحبة بين أتباع مختلف الديانات، وترسيخ ثقافة التعايش السلمي في الإقليم. 

معهد الأزهر

وضع رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، يوم الأحد الموافق 12 تشرين الأول 2025، حجر الأساس لبناء معهد الأزهر في أربيل، في خطوة هي الأولى من نوعها في العراق.

وقال بارزاني في كلمة له، إن لعلماء الدين دوراً بالغ الأهمية في تاريخ حركة التحرر الكوردستانية والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الكوردي وقضيته الوطنية، ووقوفهم جنباً إلى جنب مع البيشمركة ضد الظلم والطغيان، مشيراً في الوقت ذاته إلى العلاقات التاريخية بين مصر والأزهر الشريف وكوردستان.

وأضاف بارزاني أنه منذ عهد القائد الكوردي صلاح الدين الأيوبي، انتقل عدد كبير من الكورد إلى مصر واستقروا فيها، وبرز بينهم علماء وشعراء وأدباء وشخصيات معروفة، كما أن أول صحيفة كوردية، وهي «كوردستان»، صدرت في القاهرة قبل 127 عاماً.

وأشاد بارزاني بدور صلاح الدين الأيوبي المهم في تطوير وتوسيع جامعة الأزهر، التي تخرج منها فيما بعد مئات الطلاب الكورد الذين كانت لهم زاوية خاصة في جامعة الأزهر تُسمى «رواق الأكراد»، معرباً عن أمله في أن يكون الطلاب الكورد في جامعة الأزهر قدوة في النبوغ والأخلاق، كما كانوا دائماً، مؤكداً على ضرورة استغلال الفرصة المتاحة أمامهم للدراسة في هذه الجامعة على أكمل وجه.

مجمع نيقية، الذي انعقد عام 325م، يُعد نقطة تحول في تاريخ المسيحية، وهو أول مجمع مسكوني في تاريخ الكنيسة المسيحية، وأحد أهم الأحداث الدينية التي شكلت العقيدة المسيحية، ويُحتفل بذكرى المجمع باعتباره لحظة فارقة في توحيد المسيحية وتحديد أسسها اللاهوتية والتنظيمية.




X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved