كوردستان تستحدث نظام تتبع الأدوية إلكترونياً
كوردستان تستحدث نظام تتبع الأدوية إلكترونياً

كشف وزير الصحة في إقليم كوردستان سامان برزنجي عن مشروع استراتيجي لإنشاء أكبر مستشفى متخصص بأمراض السرطان في العراق، منتقداً في الوقت ذاته تجاهل الحكومة الاتحادية لمطالب زيادة الملاكات الطبية. 

كما تحدث عن ثورة إصلاحية شاملة في قطاع الأدوية تهدف إلى السيطرة على جودتها وأسعارها وضمان سلامتها. وأكد أن الحصة التي يتسلمها الإقليم من الموازنة الاتحادية بالكاد تصل إلى نصف ما هو مخصص له قانوناً.

تحسين القطاع والخدمات الصحية رغم العوائق المالية

ويقول برزنجي في مقابلة مع «كوردستان بالعربي» إن «تقييم الوضع الصحي لا يعتمد على المباني والمؤسسات والكوادر البشرية فقط، بل أيضاً على تقارير دولية وتقارير الجهات المختصة والوزارات التي ترتكز على مؤشرات متعددة تتعلق بالصحة العامة للمواطنين والمجتمع». وأضاف أن «البنية التحتية الصحية في كوردستان جيدة، لكنها ليست بمستوى طموحنا. والأسباب عديدة، منها الأزمة المالية التي نعاني منها منذ شباط 2014، والتي أوقفت وأجّلت عشرات بل مئات المشاريع، ومنها مشاريع استراتيجية».

وأشار برزنجي إلى أن «الوزارة، وبحسب الأولويات وبدعم مباشر من رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، الذي يمنح استثناءات عدة للقطاع الصحي، استطاعت إكمال العديد من المشاريع». وتحدث عن «تنفيذ العديد من المشاريع ضمن الخطة الاستراتيجية للوزارة رغم الضائقة المالية، بهدف النهوض بالواقع الصحي في جميع المحافظات والإدارات المستقلة».

أما بخصوص الملاكات بحسب وزير الصحة «يوجد في إقليم كوردستان، 7961 طبيباً، و151 مستشی، و1033 مركزاً صحياً وتخصصياً، ويحتوي المؤسسات الصحية على 5700 جهاز طبي استراتيجي».  

وعن المشاريع الاستراتيجية للقطاع يؤكد أنه «خلال السنوات الأربعة الماضية شيدت 31 مستشفى، أُكملت بناء 18 منها والأخرى مازالت قيد التنفيذ، وإنشاء 20 مركزاً صحياً وتخصصياً أنجزت بناء 16 منها حتى الآن».

وعن الولادات والوفيات يضيف قائلاً «سجل العام 2024 وفاة أطفال حديثي الولادة 5.1 من بين 1000 حالة ولادة في الإقليم، وفي المحافظات العراقية الأخرى ارتفعت إلى 14 حالة وفاة، أما حالات وفاة الأمهات أثناء الولادة في الإقليم بلغت 10 حالات لكل 100 ألف حالة، وارتفع الرقم في المحافظات العراقية إلى 79 حالة وفاة».

أكبر مستشفى لأمراض السرطان في العراق

وأشار برزنجي إلى «مشروع استراتيجي كبير يتمثل في إنشاء أكبر مستشفى متخصص بأمراض السرطان على مستوى كوردستان والعراق في مدينة أربيل». وأفاد بأنه قد تم «إنجاز هيكل المبنى، فيما يُنتظر أن يكون من أكبر المستشفيات المجهزة بأحدث الأجهزة الطبية وأفضل الكوادر المتخصصة، على أن يُفتتح خلال عام أو يزيد قليلاً».

وأقر برزنجي بوجود نقص «في الكوادر الصحية في المراكز والمستشفيات لعدة أسباب، منها ازدياد المؤسسات الصحية وأقسامها مع تزايد أعداد السكان، إضافة إلى الإقبال الكبير من المواطنين، وخصوصاً من وسط وجنوب العراق». وأضاف أنه «منذ عام 2014 وحتى الآن، فُكّ ارتباط نحو 14 ألف موظف في القطاع الصحي، من أطباء وملاكات طبية وصحية أخرى، بسبب التقاعد أو ترك الوظيفة أو الوفاة، ولا سيما خلال جائحة كورونا».

ونوه برزنجي إلى أنه كانت هناك «محاولات خلال الفترات الماضية تهدف إلى سدّ العجز الحاصل لتفادي حدوث مشكلات، كون المستشفيات والمؤسسات الصحية تعمل على مدار الساعة».

وأثنى وزير الصحة على دعم رئيس حكومة الإقليم خلال السنوات الخمس الماضية، مؤكداً أن «هذه الإنجازات جاءت بمبادرات مشكورة، ووفق مراحل متعددة، دعمنا رئيس الحكومة بفتح باب التعيين خصوصاً للأطباء والكوادر الصحية في المستشفيات الجديدة، مع مراعاة البعد الإنساني».

ونبه برزنجي إلى مخاطبة «الحكومة الاتحادية في بغداد، ومن خلال عدة قنوات رسمية، مطالبةً بتخصيص كوادر صحية للإقليم، لكن تلك المطالب لم تجد آذاناً صاغية».

«ثورة الإصلاح» تنهي الأدوية المغشوشة

وفي جانب آخر، يؤكد وزير الصحة إطلاق «ثورة إصلاحية» شاملة منذ تسلم الكابينة التاسعة لحكومة الإقليم، تضمنت القضاء على الأدوية المغشوشة وغير الرسمية، والسيطرة على أسعارها. ويقول إنه «باتت اليوم جميع الأدوية الموجودة في الصيدليات بكوردستان خاضعة بنسبة 100% لإجراءات السيطرة النوعية».

وأضاف برزنجي أن «الملصق الخاص بوزارة الصحة، الذي يُلصق على الغلاف الخارجي للدواء، يعتمد نظاماً عالمياً إلكترونياً لضمان الجودة والسعر». وذكر أن «المواطن يمكن له التأكد من المعلومات الأساسية للدواء، بما في ذلك تاريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية، عبر مسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام الهواتف النقالة».

المواطن قادر على التحقق من جودة الأدوية

أما فيما يتعلق بجودة الأدوية فقد أردف برزنجي أن «المواطن بات اليوم قادراً على التأكد من جودة الأدوية وسلامتها من خلال قراءة المعلومات المثبتة على عبواتها وأغلفتها، إضافةً إلى التحقق من وجود لاصق وزارة الصحة الذي يضمن صحة الدواء ومطابقته للمعايير». وكرر الحديث عن ثورة الإصلاح في قطاع الأدوية، بأنها تضمنت مراحل وإجراءات غير مسبوقة، ويواصل بالقول إنه «للمرة الأولى منذ تأسيس حكومة إقليم كوردستان، استطعنا السيطرة بشكل كامل على سوق الأدوية».

ويسترسل وزير الصحة أن «الإصلاحات شملت إعادة تسجيل منتجات الأدوية والاعتماد على المناشئ والمصادر الدولية الموثوقة، فضلاً عن تحسين أساليب التخزين والنقل، وإجراء الفحوص المختبرية».

ولفت برزنجي إلى «اعتماد شهادات الآيزو وشهادات المنشأ، إضافة إلى معاقبة وإغلاق عدد من الشركات والمداخر والصيدليات المخالفة». وكشف عن «نتائج هذه الإجراءات، إذ تم خلال عام 2024 فقط إدخال مليار و223 مليوناً و12 ألف وحدة دوائية خضعت بالكامل للفحص والسيطرة النوعية، في حين رُفض 15 مليوناً و265 ألف وحدة لعدم سلامتها».

شركة وطنية ونظام تتبع إلكتروني

وأفصح برزنجي عن «خطوتين استراتيجيتين إضافيتين قيد التنفيذ، أولهما تأسيس شركة وطنية / مخزن رئيسي للأدوية، إذ بدأت الوزارة بالعمل على إنشاء مخزن مركزي رئيسي للأدوية، بحيث تتولى الحكومة وحدها مسؤولية الاستيراد والفحص والسيطرة وإضافة الملصقات، ومن ثم توزيعها على التجار والسوق، بما يضمن توحيد المعايير والرقابة».

وقال إن «الخطوة الثانية تتمثل في استحداث نظام إلكتروني لتتبع الأدوية، إذ تعمل الوزارة على تطبيق نظام حديث يتيح تتبع حركة الدواء منذ لحظة استيراده حتى وصوله إلى المواطن».

قوانين لترسيخ حقوق المرضى ومكافحة المخدرات

وأوضح وزير الصحة أن «الوزارة، ومنذ تسلم الكابينة التاسعة مهامها، أولت اهتماماً كبيراً بالجانب القانوني لتطوير القطاع الصحي. فقد صادق برلمان كوردستان على قانونين مهمين أسهما في تعزيز حقوق المرضى وتكثيف العمل للارتقاء بالواقع الصحي».

وبين برزنجي أن «القانون الأول هو قانون حماية حقوق المرضى رقم (4) لسنة 2020، والآخر هو قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (1) لسنة 2020». وأشار إلى أن «العمل جارٍ على تشييد مستشفيات خاصة بمعالجة متعاطي المخدرات في محافظات الإقليم، لتوفير خدمات التشخيص والمعالجة الشاملة لهم».

أعباء النازحين واللاجئين

وأضاف برزنجي «قبل عام 2013 استقبلنا أعداداً من النازحين، لكن بعد أحداث داعش تزايد العدد حتى شكّل النازحون واللاجئون في فترة معينة ما يقارب 30% من مجموع سكان محافظات الإقليم. واليوم ما يزال يقيم لدينا نحو مليون شخص في 21 مخيماً، عدا أعداد كبيرة تقطن المدن».

وأعرب برزنجي عن أسفه لأن «وزارة الصحة الاتحادية لم تمدنا بأي دعم يخص حصص الأدوية أو المستلزمات الطبية، ولم تحتسب أي اعتبار لهذه الأعداد». ويواصل بالقول إن «معاناة الإقليم ازدادت بعد انسحاب العديد من المنظمات الدولية من المخيمات وإيقاف المساعدات عنه».

وبهذا الصدد انتقد برزنجي «وزارة الصحة الاتحادية لأنها لم تقدم الدعم المطلوب لا في الأدوية والمستلزمات، ولا في التعيينات، ولا حتى في القروض الخاصة بإنشاء المراكز الصحية أو المستشفيات»، متابعاً أن «الاتفاقيات المبرمة لاستيراد الأجهزة الطبية للعراق لا تشمل إقليم كوردستان».

نقص التمويل من بغداد

وذكر وزير الصحة أن «قانون الموازنة ينص على تخصيص نسبة 12% من الأدوية والمستلزمات الصحية لإقليم كوردستان، لكن ما يصلنا لا يتجاوز 55% فقط من هذه النسبة، والعجز يتم تعويضه من قبل حكومة الإقليم».

ويشير كذلك إلى أن الأطباء والعاملين في القطاع الصحي بالإقليم محرومون من الدورات التدريبية الداخلية والخارجية، ومن برامج الزمالات والتلقيحات الخاصة بالأطفال.

كوردستان تتحمل العبء الأكبر

ويؤكد برزنجي أن «40% من المرضى المراجعين لمستشفيات كوردستان هم من مواطني محافظات وسط وجنوب وشمال العراق (باستثناء محافظات الإقليم). وتقدَّم لهم الخدمات الطبية كاملة، بما في ذلك الأدوية والمستلزمات الصحية، خصوصاً في المستشفيات التخصصية مثل القلب والسرطان، من دون أن تلتفت وزارة الصحة الاتحادية إلى ذلك». وتحدث عن «جودة الخدمات الطبية في مستشفيات كوردستان، وكفاءة الكوادر الصحية فيها، التي كانت وراء الإقبال الكبير لمواطني المحافظات الأخرى عليها».

واختتم برزنجي قوله بأن «مستوى الخدمات المقدمة فيها أفضل بكثير مقارنة بالعديد من المستشفيات الأخرى في العراق».




X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved