الخيول الكوردية.. أصالة وتميّز
الخيول الكوردية.. أصالة وتميّز
November 14, 2025

دعا خبير كوردي إلى ضرورة الاهتمام بالحصان الكوردي والمحافظة على أصالته، مشيداًشبالقبيلة البارزانية لدورها في هذا المجال وتميزها بإدخال نوع جديد من الخيول الكوردية وتسجيله باسمها رسمياً.

ارتباط وثيق بالهوية القومية

يحتل الحصان مكانة بارزة في تاريخ الكورد، لارتباطه الوثيق بثقافتهم وهويتهم، كونه رمزاً للقوة والصلابة، ولدوره المهم في مختلف مجالات الحياة.. وقد تغنى الشعراء الكورد بالحصان، ومن ذلك:   

يا حصانَ الكردِ، يا فخرَ الجبالْ

فيكَ سِحرُ البأسِ، والروحُ النضالْ

تَعدو الرياحَ، كأنّكَ ومضةٌ

من نُجومِ الليلِ، إن عانقَ خيـالْ

عُرْفُكَ التِّبرُ، وجِيدُكَ قوسُ نَبْلٍ

يتمايلُ الفجرُ فيهِ، ويختـالْ

صهيلُكَ نشيدُ أرضٍ حرّةٍ

كلُّ ما فيك حكايا وخصالْ

فيكَ من «آفا» صدى الرّعدِ الأبيّ

ومن «هَولير» شموخٌ لا يُزالْ

أنتَ مجدُ السهلِ، إن خُضتَ السُّرا

وأمانُ الدربِ، إن هبَّ القتالْ

وأثنى البحتري على خيول الكورد حينما دافعوا عن اليمن من غزو الأحباش لها زمن كِسرى قبل الإسلام قائلاً:

إذْ لا تَزالُ خيولُ الكُّردِ دافعةً

بالضَّرْبِ والطعنِ عَنْ صنعا وعن عدنِ

من أقدم الخيول وأنقاها

وقال البروفيسور البيطري د. بهجت طيفور عباس، إن تاريخ الخيول على الأرض «يعود إلى 55 مليون عام»، مشيراً إلى أن تاريخ نشأة الحصان الكوردي «تعود إلى حوالي 5 آلاف عام بحسب شواهد علماء الآثار والمتحجرات المكتشفة في مناطق جنوب غرب إيران وشمال شرق العراق».

وأضاف الخبير والأكاديمي البيطري أن الحصان الكوردي الأصيل «يعتبر واحداً من أقدم الخيول وأنقاها دماً حتى يومنا هذا وأن أصله يرجع إلى مناطق آسيا الوسطى»، مبيناً أن الخيول العربية والإيرانية والتركية «انحدرت من صلب الخيول الكوردية التي تكيفت بشكل جيد مع بيئتها القاسية وجغرافية أرض كوردستان الجبلية الصلبة وتم استخدامها منذ الأزمنة الغابرة في ظروف الحرب والسلم وبسبب صفاتها الراقية تم انتشارها إلى الأجزاء الأخرى من آسيا الوسطى والبحر الأبيض المتوسط وغيرها».

وأوضح عباس أن عشائر الجاف في كركوك «كانوا من أوائل الذين دجنوا الحصان الكوردي واستخدموه في مختلف الأغراض الحياتية»، لافتاً إلى اختلاف الحصان الكوردي عن مثيلها العربي وباقي الأنواع «بقدرته على التحمل والعمل الشاق في المناطق الجبلية والوعرة لأن حوافره أكبر ومهيأة لتحمل الصدمات».

الصورة: سفين حميد

 

أنواع الخيول في العالم

أما بشأن أنواع الخيول في العالم، فيقول الخبير الكوردي، إنها تنقسم إلى «خيول الدم الحار ومنها الخيول الخفيفة كالكوردية والتركية والعربية والفارسية والإنجليزية، وأنواع أخرى مثل خيول مورغان والبلامينو وهي الأقل وجوداً في مناطقنا. وقد أطلق اسم الخفيفة على هذه الأنواع لأن وزنها يتراوح عادة بين 450 و700 كلغم وتستخدم بنحو خاص للركوب والسباق». وتابع أن هنالك نوعاً آخر هو الخيول الصغيرة (بوني) التي «تستخدم للزينة ومنها حصان ويلز وحصان شتلاند».

وذكر عباس، أن النوع الآخر من الخيول «هو ذات الدماء الدافئة ومنها الخيول الأمريكية وخيول هانوفر»، لافتاً إلى أن النوع الثالث «هي الخيول ذات الدم البارد، والرابع هو خيول الجر مثل البلجيكي شير».

أنواع الخيول الكوردية وألوانها

أورد البروفيسور د. بهجت طيفور عباس، أن هناك «عدة أنواع من الخيول الكوردية وهي جاف (Jaf) والأفشاري (Afshari) والسنجابي (Sanjabi) وحصان برزان (Barzan Horse). وقد أدخل هذا النوع الأخير مؤخراً كنوع جديد من سلالة الخيول الكوردية وتم توثيق تسجيله في منطقة بارزان في إقليم كوردستان»، منوهاً إلى أن ألوان الخيول الكوردية «تتراوح بين الرمادي والأسود والبني الأحمر والمتوهج المعدني والأبيض».

وأكد أن الحصان الكوردي «يتميز بالشجاعة والقدرة الكبيرة على التحمل والطبع الهادئ وإطاعة صاحبه وتمتعه برقبة طويلة تمتد إلى كتفيه المرتفعين وبأنفه الكبير الناعم وبأذنيه الصغيرتين والقصيرتين المغطاتين بجلد ناعم، وببطنه المسطح نسبياً مقارنة بمعظم خيول السباق الأخرى وبصدره العريض وبأن المسافة بين كتفيه طويلة وظهره معتدل الطول مع انحناءة خفيفة إلى الأسفل وبأن أرجله قوية ومفاصله وأوتاره تساعد أرجله الرشيقة على الجري والرقص وممارسة أنواع الفعاليات بسهولة ورشاقة»، مبيناً أن الخيول الكوردية «مفضلة للمشاركة في سباقات الماراثون بسبب قلبها الكبير القوي الذي يرسل تدفقاً كبيراً للدم إلى جميع أجزاء جسمها ما يمكنها من الجري أسرع من أي حصان آخر في العالم».

دعوة لحماية الخيول الكوردية

حذر البروفيسور عباس، من «مخاطر تراجع أو انقراض الخيول الكوردية الأصيلة المعروفة برشاقتها وقدرتها على التحمل ومن اختلاطها العشوائي مع الخيول الأجنبية ذوات النسب المختلط أو تلك التي من أنسال أجنبية»، منوهاً إلى أن هنالك عدة جهات في حوض البحر الأبيض المتوسط كمصر والسعودية والإمارات وقطر «تحاول الحصول على الخيول الكوردية وخلط دمائها مع خيول أخرى بسبب خصائصها الفريدة المختلفة عن غيرها من الخيول الخفيفة ليتمكنوا من إيجاد نوع جديد من الخيول يحمل الخصائص الخاصة بالخيول الكوردية من حيث القوة والقدرة على المنافسة على المدى الطويل».

واستطرد عباس أن الإنكليز، على سبيل المثال، «أخذوا الخيول الكوردية والتركمانية والأفغانية والفارسية والعربية إلى بلادهم لتظريبها مع أنواع من الخيول رديئة الصفات عندهم وتمكنوا من تخليق نوع جديد من الخيل يعرف الآن بالخيل الانكليزي من سلالة الثروبريد، وهو واحد من أشهر أنواع الخيول عالمياً في الوقت الحالي»، مشدداً على أن هنالك «حاجة ملحة لحماية سلالة الخيل الكوردي الأصيل من الذوبان والضياع جيلاً بعد آخر نتيجة اختلاط دمها بدماء الأنواع الأخرى من الخيول».

مقترحات لحماية الحصان الكوردي

ودعا الخبير البيطري الكوردي، إلى «اتخاذ سلسلة خطوات لحماية الخيول الكوردية، منها إجراء المزيد من البحوث بشأن علم الوراثة للحصان الكوردي الأصل لمنع انقراضه واختلاط جيناته مع جينات الخيول الأخرى وإنشاء مركز متطور للتلقيح الاصطناعي وحفظ السائل المنوي للخيول الكوردية والتشجيع على تربية الخيول الكوردية وتناسلها وعدم اختلاطها بالأنواع الأخرى». وتابع أن من الأهمية «التخطيط لإنشاء مستشفى بيطري حديث متخصص لجراحة الخيل وتجهيزه بالأجهزة والمستلزمات الحديثة وافتتاح نادي أو نوادي للفروسية في المدن الكوردستانية لتنظيم عروض الفروسية والرياضة وغيرها».

إشادة بدور قبيلة بارزان

أشاد البروفيسور د. بهجت طيفور عباس، بـ«الجهود الكبيرة والمثمرة لقبيلة بارزان لتميزها بإدخال نوع جديد من الخيول الكوردية هو خيول بارزان وتسجيله رسمياً باسمها»، كاشفاً عن «قيام قبيلة بارزان بإنشاء مركز متخصص ومتطور للعناية بالخيول الكوردية بدعم ومساندة الرئيس مسعود بارزاني».

وخلص عباس إلى ضرورة «المحافظة على نسل الخيول الكوردية وأصالتها والحد من اختلاط دمائها بدماء الخيول الأخرى»، معرباً عن أمله بأن «تحظى مقترحاته باهتمام الجهات المعنية في إقليم كوردستان للحفاظ على الحصان الكوردي».




X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved