متحف الشيخ محمود.. وثائق ومقتنيات تروي مآثر كوردية
متحف الشيخ محمود.. وثائق ومقتنيات تروي مآثر كوردية
November 14, 2025

تتواصل الاستعدادات في مدينة السليمانية لافتتاح متحف الشيخ محمود الحفيد قبل نهاية عام 2025 الحالي الذي يضم العديد من الوثائق والمقتنيات التي توثق مرحلة مهمة من تاريخ كوردستان.

الشيخ محمود الحفيد

الشيخ محمود الحفيد البرزنجي (1878 – 1956) شخصية بارزة في تاريخ العراق الحديث والحركة القومية الكوردية. وُلد في محلة «كاني آسكان» بمدينة السليمانية لأسرة دينية صوفية معروفة، هي أسرة البرزنجي، التي تنتسب إلى الطريقة القادرية. كان والده الشيخ سعيد البرزنجي أحد شيوخ الطريقة، ولقّب بالحفيد نسبة إلى جده العالم الكبير الشّيخ كاك أحمد الشيخ (1793 - 1887)، ابن الشيخ معروف النودهي (1753 - 1838) أحد أقطاب الطريقة القادرية، ما منح العائلة مكانة روحية واجتماعية واسعة.

عُرف الحفيد بدعوته المبكرة إلى الاستقلال الكوردي وتأسيس كيان سياسي للكورد بعد انهيار الدولة العثمانية. وعقب الاحتلال البريطاني للعراق (1918)، قاد عدة ثورات مسلحة ضد القوات البريطانية في السليمانية والمناطق المحيطة بها. وفي تشرين الثاني / نوفمبر 1922 أعلن نفسه ملكاً على كوردستان، لكن هذا الكيان لم يدم طويلاً بسبب قلة الإمكانات وتفوق القوات البريطانية. عارض إدماج ولاية الموصل (التي تشمل كوردستان الجنوبية) في المملكة العراقية تحت الانتداب البريطاني، وخاض سلسلة انتفاضات بين 1919 و1931 عُرفت باسم ثورات الشيخ محمود، لكنها انتهت بهزيمته ونفيه أحياناً إلى الهند أو إيران أو إلى جنوب العراق أو غربيه، لكنه ظل مع ذلك، رمزاً للحركة التحررية الكوردية ومقاومة الاستعمار البريطاني. وقد توفي في مدينة بغداد سنة 1956 وشيع في السليمانية ودفن فيها، وما يزال يُنظر إليه كأحد الرموز القومية الكوردية ورائداً لفكرة استقلال كوردستان في العصر الحديث.

الصور: ناصح علي خياط

 

متحف الملك محمود

وقال بختيار أحمد، رئيس منظمة المجتمع المدني، التي تتولى مهمة تأهيل المتحف، إن القوات البريطانية التي احتلت السليمانية سنة 1918 «أجرت بناية من أحد أثرياء المدينة لتكون مقراً للشيخ محمود بعد تنصيبه رئيساً للحكومة الكوردية فيها»، مشيراً إلى أن تاريخ البناية «التي تقع في محلة ملكندي قرب ساحة السراي وسط مركز مدينة السليمانية يعود إلى عام 1880 وتشغل مساحة 1600 متر مربع».

وأضاف أحمد أن المنظمة «تتولى مهمة ترميم البناية بالتعاون مع شركات محلية خاصة بالتنسيق مع دائرة آثار السليمانية لتكون بذلك أول منظمة مجتمع مدني تتولى مهمة إدارة متحف بهذا الحجم»، لافتاً إلى أن المنظمة «تعاقدت مع دائرة الآثار على ترميم البناية على مدى عامين وتحويلها إلى متحف خاص بالملك محمود وإدارتها على مدى خمسة أعوام قابلة للتجديد، عرفاناً بدور الملك محمود الذي يعتبر من الشخصيات التاريخية الكوردية الرائدة».

وأوضح أحمد أن المنظمة «بدأت بجمع الوثائق والمتعلقات الخاصة بالملك محمود من عدة أماكن وبلدان بينها بريطانيا والهند التي نفي إليها بعد أسره من قبل القوات البريطانية، وكذلك من إيران التي لجأ إليها وطالبتها المملكة العراقية حينها بإعادته إليها»، منوهاً إلى أنها «تمكنت من الحصول على مجموعة جيدة من الوثائق والصحف والأسلحة والأثاث والمتعلقات الأخرى الخاصة بالمملكة التي أعلنها الشيخ محمود والتي دامت أقل من عام ومنها وسام منحه ملك بريطانيا جورج الخامس لأحد الطيارين الذين شاركوا بقصف السليمانية».

وأكد رئيس منظمة المجتمع المدني على «حرص المنظمة على تأهيل المتحف ليكون على غرار الصورة التي كان عليها زمن الملك محمود»، مبيناً أنه «يضم من بين أمور أخرى الغرفة الخاصة بالمستشار البريطاني (الضابط السياسي) الذي كان يشرف على أعمال حكومة الملك محمود، والتي شغلها الميجر نوئيل (إدوارد وليم تشارلز نوئيل) ومن بعده الميجر سون (إيلي بانستر سون) المبنية على الطراز البريطاني، وقد أقيمت في الطابق الثاني من المبنى لتكون مشرفة على المنطقة». 

وأورد أحمد أن المنظمة «حصلت أيضاً على معلومات عن السائق الهندي المرافق للملك محمود الذي رفض مغادرة السليمانية»، وتابع أن ذلك السائق «يدعى غَفوره رَش (غفور الأسود) وقد أعلن إسلامه وتزوج من امرأة كوردية وأن المنظمة على تواصل مع أحفاده، الذين ما يزالون في السليمانية، للحصول على تفاصيل أكثر وصور عنه».    

السائق الوفي 

يذكر أن سائق الملك محمود الهندي، هو غوكول جاند سنكر جاند غوكول مكورجي، كان ميكانيكياً ومدرباً للسياقة وجندياً في الجيش الهندي البريطاني، أرسل إلى العراق خلال الحرب العالمية الأولى. ومن بغداد إلى السليمانية عام 1919، بطلب من الرائد سون، الذي كان الحاكم السياسي في المدينة. ولم يترك إقليم كوردستان.. وفي العام 1921 سرح من منصبه العسكري بناءً على طلبه، ليصبح مواطناً عادياً، وبقي في مدينة السليمانية بالرغم من رحيل الجيش البريطاني عنها في سنة 1922.. وبعد مدة وجيزة أصبح مقرباً من الملك محمود وابنة خالته حبسه نقيب، حيث أهدى مكورجي سيارته للملك محمود، وأصبح سائقه الخاص بناءً على طلب الأخير. ولما كان اسم غوكول جاند مكورجي صعب اللفظ على لسان الشيخ محمود، لذا كان يسميه غفور هندي أو غَفوره رَش (غفور الأسود) واشتهر بلقبه الجديد.. وقد حصل على الجنسية العراقية عام 1932، وعمل لاحقاً سائقاً مستقلاً على الطريق بين حلبجة والسليمانية، وتزوج في السليمانية، وتوفي سنة 1980 ودفن في مقبرتها (مقبرة سيوان)، وما يزال أحفاده يعيشون في السليمانية حتى الآن.

يُذكر أيضاً أن منظمة التنمية المدنية (Civil Development Organization: CDO) هي منظمة غير حكومية وغير ربحية، تأسست عام 1999، ومسجّلة لدى دائرة المنظمات غير الحكومية في بغداد وأربيل. وتقوم رؤيتها على بناء مجتمع مدني فاعل في العراق، من خلال تطوير قدرات المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، وتعزيز الديمقراطية، ودعم جهود بناء السلام، والنهوض بواقع حقوق الإنسان، ومكافحة العنف ضد المرأة، وزيادة مشاركتها السياسية، وتقديم المساعدة القانونية للفئات الضعيفة والدفاع نيابة عن المجتمع المحلي. كما شاركت في الاستجابة الطارئة للاجئين السوريين والنازحين العراقيين.

 


X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved