«أوراها» الحارس الأخير للفخاريات في دهوك
«أوراها» الحارس الأخير للفخاريات في دهوك

رغم تراجع الطلب على الأواني الفخارية، يواصل أوراها إيشو وردة ممارسة مهنة صناعتها حفاظاً على حرفة أجداده، يمضي وردة (47 عاماً) عدة ساعات يومياً في ورشته الصغيرة، يُصنع الأواني الفخارية التي ورث صنعتها عن والده، رغم تحديات الاندثار التي تواجه هذه الحرفة التقليدية. يعمل أوراها موظفاً حكومياً، وتعد صناعة الفخار بالنسبة له ليس مصدر رزق فحسب، بل وسيلة للحفاظ على مهنة عائلته التي اشتهرت بها منذ مئات السنين في قضاء العمادية شمال محافظة دهوك.

يُعتبر أوراها إيشو وردة نفسه آخر الحرفيين في هذه المهنة، والوحيد الذي ما زال يمارسها في محافظة دهوك، كما قال لمجلة «كوردستان بالعربي».

وتُعد صناعة الفخار من أقدم الحرف التراثية في منطقة بلاد الرافدين. وتعتبر محافظة دهوك إحدى الأماكن التي عُثر فيها على آثار فخارية خلال عمليات التنقيب. وبحسب الباحث الآثاري كوفان إحسان، فإن فريقاً آثارياً بولندياً كشف في عام 1985 عن مجموعة من الأواني والقطع الفخارية في منطقة نمريك الواقعة غرب مدينة دهوك، تعود إلى 9 آلاف سنة قبل الميلاد، وفق النتائج التي توصل إليها الفريق الآثاري.

ويضيف إحسان في حديثه لمجلة «كوردستان بالعربي» قائلاً إنه وفق الدراسات التي أجراها في قرية دركني التابعة لقضاء العمادية، فإن صناعة الأواني والمستلزمات الفخارية في هذه القرية تعود إلى أكثر من 2000 سنة قبل الميلاد، مبيناً أنه تم العثور على العديد من القطع الفخارية فيها.

صناعة الفخار حرفة يدوية تعتمد على الطين، حيث يُحَوَّل إلى أشكال متنوعة من الأواني والاحتياجات المنزلية. يشرح أوراها، الذي يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 35 عاماً، أن العملية تبدأ بإحضار التراب المناسب من قرية برجي القريبة من ورشته، ثم تنظيفه من الشوائب وغربلته وعجنه مع إضافة الملح لتحويله إلى طينٍ طيّع قابل للتشكيل. بعد ذلك، توضع كمية من عجينة الطين على آلة العجلة الدوّارة لبدء تشكيل الأواني، بدءاً من القاعدة ثم الجسم والفوهة، وتزيينها بالنقوش. ثم تُجفَّف القطع وتُحَرَّق في الفرن لإزالة الماء المتبقي في الطين. يُنتِج أوراها نحو 15 قطعة يومياً يبيعها للسياح والزائرين بأسعار زهيدة أو يقدمها كهدية لهم.

يقول أوراها: «عندما أعمل في تشكيل الطين، أشعر وكأنني أمارس طقساً خاصاً تتداخل فيه روحي مع المادة لصنع قطعة فخارية جميلة». ويضيف: «علّمني الطين أن الليونة والمرونة في الحياة أمران ضروريان».

يستعيد أوراها ذكريات طفولته في قريته القديمة ديركن التي كانت وجهةً للزبائن من كل مناطق قضاء العمادية لشراء الأواني الفخارية. كما أن بعض التجار كانوا يأتون أيضاً من مدينة الموصل إلى قريتهم لشراء الفخاريات بالجملة. ويحرص أوراها على الاحتفاظ بمهنة أجداده من خلال تعليم أبنائه، قائلاً: «أُعَلِّمُ أبنائي هذه المهنة ليواصلوا حرفة أجدادهم. أنا فخور بهذا الإرث العائلي، وأرى أنه من مسؤوليتي الحفاظ عليه من الضياع».




X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved