حێل و مێخەک .. أنامل تنسج تراثاً عطراً
حێل و مێخەک .. أنامل تنسج تراثاً عطراً

من رائحة التفاحة المغروسة بأزهار القرنفل في مطابخ السيدات الكورديات، إلى عبيرها الذي يملأ أرجاء المنازل، من هذا الإرث العطري استلهمت الشابة نێگار عبد الله مشروعها الخاص، فحوّلت القرنفل من زهرة عالقة في الذاكرة إلى قطعة إكسسوار تنبض بالهوية.

وفي زاوية صغيرة من منزلها المتواضع في مدينة السليمانية، رتبّت نێگار على طاولتها مئات القطع اليدوية المزركشة التي تتوسطها زهرة القرنفل، تقول لمجلة «كوردستان بالعربي»: جوهر مشروعي الذي بدأتُه منذ نحو 10 أعوام من داخل منزلي، وأطلقت عليه اسم «نێگار ديزاين»، يعتمد على  صناعة العقود والأساور والأقراط ومختلف أنواع الإكسسوارات باستخدام زهرة القرنفل المرتبطة بالثقافة الكوردية والمذكورة في التراث الكوردي.

وتؤكد نێگار أن زهرة القرنفل لها مكانتها في البيت الكوردي وتقول: أردتُ الحفاظ عليها عن طريق إعادة استخدامها بأساليب حديثة وكلاسيكية وإدخالها في صناعة الإكسسوارات. فعندما تتزيّن الشابة الكوردية بعقد مزركش بالقرنفل تزداد جمالاً. 

طرق استخدام القرنفل

يحرص زوج الشابة نێگار على إحضار القرنفل لها من سوق العطّارين في مدينة السليمانية، كما يوفر لها المواد الفنية التي تحتاجها كالأحجار الكريمة والخرز، ويرافقها إلى المعارض والمهرجانات. لذا فهي تصف دعمه بالقول: «زوجي أكبر داعم لي.. أنا ممتنة له».

وتوضح نێگار طريقة استخدامها لزهرة القرنفل بشكليها الرطب والجاف: «أخلط القرنفل مع الورد الجوري والحِلبة، ثم أطحن المكونات في الخلاط الكهربائي، بعد ذلك أقوم بتقسيم المسحوق داخل قطع من الأقمشة الكوردية الملوّنة، وأصنع منها أشكالاً دائرية ومثلثة مناسبة للإكسسورات مثل العقود، والأساور، والأقراط، والميداليات، كما أستخدم هذه القطع أيضاً في تزيين قبعات الرأس والملابس وشال الزيّ الكوردي، وهذه هي الطريقة بالجافة».

أما الطريقة الرطبة، فتشرحها نێگار وتقول: «أترك كميةً من القرنفل في الماء البارد لمدة 3 أيام، وبعد أن تَلين أخرجها من الماء، ثم باستخدام إبرة وخيط أربط حبات القرنفل مع الخرز أو الأحجار الملوّنة، لأصنع العقد المعروف باسم (حێل و مێخەك). وقد يستغرق ذلك ساعات أو أياماً، فأنا حريصة على إنتاج أفضل نوعية من القطع اليدوية المزركشة. كما أنني أختار ألوان الخرز والأحجار الكريمة بعناية، وأكثر الألوان المطلوبة هي الأصفر والنبيذي والبنفسجي».

وعن مرحلة ما بعد التصنيع، توضح نێگار: تتطلب هذه المرحلة عناية خاصة. أعلّق منتجاني في زاويةٍ من منزلي لغرض التجفيف بشكل جيّد. ففي الصيف تجف القطعة خلال يومين أو 3 أيام. أما في الشتاء، فتجفيفها بحاجة إلى 4 أو 5 أيام، لتكون جاهزة للاستخدام.

 مرحلة التطور

صنعت نێگار أكثر من 4 آلاف قطعة مختلفة من إكسسوارات القرنفل المنزلي، كما شاركت في أكثر من 200 معرض داخل إقليم كوردستان. تقول: «سابقاً كان عملي مقتصراً على المعارض، لكن منذ عام 2021 بدأتُ بنشر صور منتجاتي عبر صفحاتي الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتصل أعمالي الآن إلى جميع مدن الإقليم وإلى لبنان وألمانيا وبريطانيا والسويد وإيران».

والطلب على إكسسوارات القرنفل يزداد خلال فترة الأعياد، كما تقول نێگار: «أقوم بإعداد 4 تصاميم جديدة في كل عام. وقبل شهرين من عيد نوروز، قمتُ بإبداع 40 تصميماً جديداً لإكسسوارات القرنفل. وأحد تصاميمي الجديدة أنجزتُه قبل شهر، وهو عبارة عن عقد من القرنفل، استخدمتُ فيه حبّات القزوان (الحبة الخضراء) بدلاً من الخرز والأحجار الملوّنة، مع أنني لم أنشر بعد صوراً أو فيديوهات لهذا التصميم الجديد على صفحاتي، إلا أنني متأكدة من أنه سيجذب انتباه السيدات».

وتطمح نێگار لإنشاء مصنع خاص بإنتاج إكسسوارت القرنفل، بهدف توفير فرص عمل للسیدات الحرفيات الأخريات، إضافة إلى الحفاظ على تقاليد استخدام زهرة القرنفل وتطويرها لتجذب الأجيال الشابة.

وتختم نێگار في حوارها لـ«كوردستان بالعربي» بقولها: «أعمالي ليست مجرّد هواية، بل مشروعَ حياةٍ متكامل، ومحاولةً هادئةً للحفاظ على الجمال، ورسالةً ناعمة تنبع من زهرة صغيرة تحمل في أعماقها عبير التراث الكوردي».




X
Copyright ©2024 kurdistanbilarabi.com. All rights reserved