لا تُعد «آخر معارك الجنرال» رواية تتناول صراعاً مسلحاً، بل هي معركة مختلفة تماماً؛ إنها صراع الذاكرة ضد مرور الزمن. يستحضر فيها الكاتب الكوردي جان دوست في هذا العمل مراحل من حياة القائد الكوردي الخالد مصطفى بارزاني، مع التركيز على أيامه الأخيرة في مستشفى أمريكي، حيث يتحول النص إلى تأمل عميق في رحلة النضال، والغربة، والإحباطات، والإيمان الدائم بالهدف.

تعرض الرواية شخصية بارزاني، كإنسان تحمل مسؤولية قضية شعبه لعقود. ومن خلال هذه المقاربة المتأنية، يدعو النص إلى التفكر في جوهر القيادة، والتضحيات الشخصية التي يقدمها القائد في مسيرة التحرر الطويلة.

الرواية في محيطها الثقافي

في إطار تقديم النسخة الكوردية (الكورمانجية) من الرواية، قام جان دوست بتوقيع روايته «آخر معارك الجنرال» يومي 18 و19 كانون الأول / ديسمبر 2025، على هامش معرض الكتاب الدولي في إسطنبول. وقد شهدت فعاليات التوقيع إقبالاً كبيراً من القراء والمفكرين الكورد في إسطنبول، حيث تحول اللقاء إلى منصة للنقاش حول الرواية، ودور الأدب في إعادة تفسير الماضي.

لم يكن الحدث احتفالياً فحسب، بل أتاح حواراً مباشراً مع الكاتب حول منهجه السردي، وكيفية تحقيق التوازن بين الحقائق التاريخية والإبداع الروائي، مع الحفاظ على خصوصية الشخصية ورمزية الفترة التاريخية.

إطلاق الرواية في آمد وحوار مفتوح

وفي 20 كانون الأول / ديسمبر 2025، استضاف فندق دمير في مدينة آمد (ديار بكر) حفل استقبال لإطلاق النسخة الكوردية (الكورمانجية) من الرواية. وجمع الحفل نخبة من المثقفين والكتاب والمهتمين بالشأن الثقافي الكوردي، بالإضافة إلى حضور كبير من الطلبة الكورد، مما أضفى على اللقاء طابعاً تفاعلياً يتجاوز الشكل التقليدي لتقديم الكتب.

تضمن الحفل كلمات تناولت إرث الزعيم مصطفى بارزاني بوصفه أحد أهم رموز الحركة الكوردية المعاصرة، وأهمية إعادة قراءة تجربته في سياقها التاريخي والإنساني. كما شهد اللقاء تفاعلاً ملحوظاً من خلال أسئلة ونقاشات حول الرواية ومحتواها، إضافة إلى محطات مهمة من حياة بارزاني وتأثيره المستمر في الوعي الجمعي الكوردي.

الأدب كفضاء للذاكرة

تظهر رواية «آخر معارك الجنرال» كجزء من حركة أوسع تهدف إلى استعادة الذاكرة الكوردية عبر الأدب، ليس كمجرد سرد للماضي، بل كعملية تساؤل مستمرة. فالرواية، في هذا السياق، لا تقدم إجابات نهائية، بقدر ما تفتح باباً للتفكير في التاريخ، وفي الطرق الممكنة لنقله للأجيال القادمة.